القسم الاقتصادي- مركز المتوسطي للدراسات الاقليمية- (السليمانية)
منذ تولي المهندس محمد شياع السوداني رئاسة الوزراء في أكتوبر 2022، أطلقت حكومته إصلاحات واسعة النطاق مستهدفة مختلف القطاعات في العراق، مع التركيز على تعزيز الاقتصاد، تطوير البنية التحتية، مكافحة الفساد، وتحسين مستوى الخدمات العامة.
على الصعيد الإقليمي، نجحت حكومة السوداني في التعامل مع التداعيات الناجمة عن حرب غزة، رغم استمرار التحديات. وتكتسب العلاقات الإقليمية للعراق أهمية متزايدة، لا سيما بعد إعادة تأهيل ميناء الفاو وربطه باتحاد موانئ الخليج، مما جعله جزءًا من المصالح الاستراتيجية لدول الخليج العربي.
أما على المستوى الدولي، فإن عودة شركة "بريتيش بتروليوم" للاستثمار في نفط كركوك تعكس تصاعد الثقة الدولية في العراق. هذه الشركة، التي كانت أول من استكشف النفط العراقي منذ الحرب العالمية الأولى، تؤكد من خلال استثماراتها الجديدة على المكانة المتنامية للعراق في أسواق الطاقة.
ورغم هذه الإنجازات، لا تزال البلاد تواجه تحديات كبرى، أبرزها شح الموارد المائية، مخاطر عودة الإرهاب، وارتفاع معدلات البطالة. إلا أن المشهد في مدن من كركوك الى موصل- بغداد و ناسرية و البصرة يعكس وتيرة متسارعة من التنمية، حيث تظهر مشاريع الإعمار والبنية التحتية كدليل على التحول الإيجابي. ومع استمرار الجهود نحو بيئة أنظف وعاصمة أكثر إشراقًا، يقترب العراق من تحقيق استقراره المنشود.
وعلى مدار عامين ونصف، شهدت حكومة السوداني تحولات إيجابية كبيرة في العديد من المجالات، مما عزز دعم الشارع العراقي لرئيس الوزراء وزاد من شعبيته. ورغم استمرار الخلافات بين بغداد وإقليم كردستان حول قضية الرواتب، لا يزال محمد شياع السوداني يُنظر إليه كشخصية معتدلة ومقبولة في وسائل الإعلام الكردية.
في هذا المقال، نعرض أبرز الإنجازات التي حققتها الحكومة العراقية حتى عام 2024.
1. القطاع الاقتصادي والمالي
أ. تحقيق استقرار مالي وخفض التضخم
- عملت الحكومة على إصلاح النظام المالي والمصرفي، مما أدى إلى خفض نسبة التضخم من 4.9% في 2022 إلى 3% في 2024.
- تحسين قيمة الدينار العراقي أمام الدولار من خلال إجراءات إصلاحية في السياسة النقدية.
ب. تحسين بيئة الاستثمار ودعم القطاع الخاص
- إطلاق حزمة قوانين لتشجيع الاستثمار الأجنبي والمحلي، لا سيما في مجالات الطاقة والصناعة.
- تسهيل إجراءات تسجيل الشركات ومنح التراخيص لتسريع النشاطات التجارية.
2. قطاع الطاقة (النفط، الغاز، والكهرباء)
أ. تحسين قطاع الكهرباء
- رفع إنتاج العراق من الكهرباء إلى 27 ألف ميغاواط، وهو أعلى مستوى يتم تحقيقه منذ عقود.
- تنفيذ مشاريع فك الاختناقات في الشبكة الوطنية لتحسين توزيع الطاقة وتقليل الانقطاعات.
- توقيع اتفاقيات جديدة مع شركات دولية لتطوير محطات الطاقة الشمسية.
ب. تطوير صناعة النفط والغاز
- توقيع عقود استثمارية جديدة لتطوير الحقول النفطية في الجنوب والشمال.
- زيادة الإنتاج المحلي من الغاز المصاحب، مما قلل من الاعتماد على الاستيراد.
- تعزيز مشاريع تحويل الغاز المحترق إلى طاقة منتجة.
-
3. تحسين البنية التحتية والخدمات العامة
أ. تطوير مشاريع النقل والطرق
- إطلاق مشروع ميناء الفاو الكبير، وهو أحد أكبر المشاريع الاقتصادية في تاريخ العراق، والذي سيجعل العراق مركزًا لوجستيًا عالميًا.
- تطوير شبكة الطرق والجسور لتسهيل حركة التجارة والتنقل بين المحافظات.
ب. تحسين خدمات المياه والصرف الصحي
- تنفيذ مشاريع كبرى لمحطات معالجة المياه، خصوصًا في البصرة التي تعاني من ملوحة المياه.
- إصلاح شبكات الصرف الصحي المتدهورة في بغداد والمحافظات الكبرى.
ج. فك الاختناقات المرورية
- تنفيذ مشاريع جديدة لفك الازدحامات المرورية في العاصمة بغداد، مثل مشروع الجسور والأنفاق الجديدة.
- تطوير نظام النقل العام من خلال إدخال الحافلات الحديثة.
4. مكافحة الفقر وتحسين مستوى المعيشة
أ. توسيع برامج الحماية الاجتماعية
- زيادة رواتب الرعاية الاجتماعية لتشمل أكثر من 5 ملايين مستفيد من الأسر الفقيرة.
- توزيع 130 مليون سلة غذائية على مدى عامين لدعم الأسر المتعففة.
- إطلاق منحة مالية جديدة للطلاب والعائلات المحتاجة.
ب. دعم ذوي الاحتياجات الخاصة
- توفير تأمين صحي مجاني لذوي الإعاقة وتحسين الخدمات المقدمة لهم.
- توظيف عدد كبير منهم في القطاع الحكومي والخاص وفق قانون دعم ذوي الإعاقة.
5. مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية
أ. إجراءات صارمة لملاحقة الفاسدين
- تشكيل لجنة متخصصة لمكافحة الفساد، أدت إلى استرداد مئات الملايين من الدولارات المنهوبة.
- اعتقال عدد من الشخصيات المتورطة في قضايا فساد كبرى.
ب. إصلاح النظام الإداري
- اعتماد نظام الأتمتة في المؤسسات الحكومية للحد من الرشاوى والفساد الإداري.
- تحسين بيئة العمل الوظيفي من خلال تبسيط الإجراءات وتقليل البيروقراطية.
6. قطاع الصحة
أ. تطوير البنية الصحية
- افتتاح 8 مستشفيات جديدة في مختلف المحافظات العراقية.
- تحسين الخدمات الصحية عبر التشغيل المشترك مع القطاع الخاص.
- تطوير المستشفيات التعليمية لرفع كفاءة الكوادر الطبية.
ب. توفير الأدوية والتجهيزات الطبية
- تزويد المستشفيات بالأدوية والمستلزمات الطبية الحديثة.
- إطلاق حملة تطوير المصانع الدوائية المحلية لتقليل الاعتماد على الاستيراد.
-
7. التعليم والتطوير البشري
أ. تحسين جودة التعليم
- زيادة مخصصات وزارة التربية والتعليم العالي، وإنشاء مدارس نموذجية حديثة.
- دعم البحث العلمي وتمويل الجامعات لإنشاء مختبرات بحثية متطورة.
ب. إطلاق برامج تدريب وتأهيل للشباب
- توفير فرص تدريب في القطاع الصناعي والتكنولوجي للشباب العاطلين عن العمل.
- دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر منح قروض ميسّرة لرواد الأعمال.
8. الأمن والاستقرار الداخلي
أ. دعم القوات الأمنية ومحاربة الإرهاب
- تنفيذ عمليات نوعية ناجحة ضد فلول داعش، مما أدى إلى استقرار أمني في عدة مناطق.
- تطوير منظومة الاستخبارات وتعزيز التعاون الأمني مع الدول الإقليمية والدولية.
ب. السيطرة على المنافذ الحدودية
- فرض رقابة صارمة على المنافذ الحدودية لمنع التهريب والفساد الجمركي.
- زيادة العائدات الجمركية للدولة بسبب هذه الإجراءات.
في خضم العاصفة التي تضرب الشرق الأوسط، تتجه الأنظار نحو السوداني. فهل سيتمكن من حماية العراق من الانهيار، كما حدث في غزة وسوريا ولبنان؟
9. القطاع الصناعي
- الافتتاح 4 مصانع لهيئة التصنيع الحربي.
- تدشين 4 مشاريع كيمياوية- لصناعية في كربلاء
- اطلاق العمل في مشروع مطاحن الاتحاد للانتاج الطحين الصفر.
- اففتاح مصنع الصب المستمر.
- افتتاح مصنع سماد اليوريا.
- افتتاح مصنع سماد الداب.
- افتتاح مصنع درفلة الحديد
- افتتاح معمل سمنت القائم.
نحو مستقبل أفضل
منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022، شهد العراق حملة إعمار غير مسبوقة. والأهم من ذلك، أن الحكومة برئاسة السوداني نجحت في إجراء تعداد سكاني، وهو الأول من نوعه منذ عقود. وبناءً على هذه الخطوة، بات بإمكان الدولة وضع خطط أكثر شمولًا ورسم رؤى استراتيجية أقوى في مختلف المجالات.

الخاتمة
حكومة محمد شياع السوداني حققت قفزات نوعية في مختلف القطاعات خلال فترة ولايته، من خلال إصلاحات اقتصادية، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز الأمن، ومحاربة الفساد. هذه الجهود جعلت العراق أكثر استقرارًا وجذبًا للاستثمار، ما يفتح الباب أمام مستقبل أفضل للعراقيين.
على الرغم من هذه الإنجازات، لا تزال هناك تحديات كبرى تحتاج إلى المزيد من الإصلاحات، مثل ملف البطالة، واستدامة الأمن، والتغيرات المناخية، والإصلاحات السياسية. يبقى السؤال: هل سيتمكن السوداني من تعزيز هذه النجاحات وتحقيق رؤية طويلة الأمد لتنمية العراق؟
سيكون هذا الجواب بمثابة نقطة إيجابية للمهندس السوداني، إذ إن الجيل الجديد في العراق قد سئم من النمط السياسي التقليدي والسياسيين الكلاسيكيين، وهو يتطلع إلى قائد قادر على انتشال البلاد من أزماتها ونقلها إلى مرحلة جديدة من التطور، بما يواكب روح العصر.