بقلم المحامي/ سيوان سيروان
العراق وإقليم كردستان ليسا بمنأى عن الديناميكيات المتغيرة في الشرق الأوسط؛ ورغم أن الدخان كان واضحًا في السابق، إلا أنه كان يجب توفير آليات للتعامل والتنسيق. الآن، وصلت النيران والتهديدات القادمة من الشرق الأوسط إلى العراق، خاصة مع حرب غزة. هذا الوضع سيؤثر بشكل مباشر على إقليم كردستان - العراق.
من المعروف أن جبهة المقاومة العراقية جزأ من الحشد الشعبي، الذي يتلقى أوامره من إيران، وليس من الحكومة العراقية. وقد هاجمت هذه القوات الإسرائيلية وقوات التحالف في المنطقة حوالي 200 مرة خلال العام الماضي. ومن الواضح أن هدف إسرائيل الأساسي تغير ليصبح توجيه ضربة قوية لجمهورية إيران الإسلامية. الحقيقة الأوضح هي أن الحكومة الفيدرالية العراقية غير قادرة على السيطرة على القوات المسلحة الولائية-الشيعية، وهي القوات التي تعلن ولاءها للمرشد الأعلى لجمهورية إيران الإسلامية، آية الله علي خامنئي.
وسط هذا الوضع الملتهب، تجري حكومة إقليم كردستان انتخابات لتجديد شرعيتها. وهذه هي المرة الأولى التي تُشرف فيها المفوضية العليا للانتخابات في بغداد على الانتخابات في الإقليم. الواضح منذ سنوات هو وجود منطقتين سياسيتين وجغرافيتين تم إنشاؤهما من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني. الصراع بين هذين الحزبين السياسيين في شمال العراق (كردستان) على مدى الستين عامًا الماضية أدى إلى حروب دامية، وأسفر عن هجرة عشرات الآلاف من الشباب في السنوات الأخيرة، بحثًا عن أماكن أكثر استقرارًا.
في الوقت نفسه، انقسم الحزبان الرئيسيان في كردستان إلى محاور إقليمية؛ فالحزب الديمقراطي الكردستاني أقرب إلى تركيا بسبب موقعه الجغرافي، ما زاد من تهديد حزب العمال الكردستاني وحلفائه على منطقة الحزب. من الجهة الأخرى، يرتبط الاتحاد الوطني الكردستاني بعلاقات وثيقة مع إيران وقوات الحشد الشعبي، ويعتبر نفسه جزءًا من جبهة المقاومة، كما يظهر من حملته الانتخابية.
أسلوب الحملة الانتخابية للاتحاد الوطني الكردستاني يعتمد بشكل رئيسي على اللغة القاسية و التصعيد العسكري، وهو ما قد يحوّل جزءًا من كردستان إلى "جرف صخر" جديد.
ورغم وجود العديد من الأحزاب السياسية والقيادات البارزة في الإقليم، إلا أن المشهد الانتخابي انقسم فعليًا إلى جبهتين: جبهة المقاومة، التي ينتمي إليها الاتحاد الوطني الكردستاني، وجبهة الحزب الديمقراطي الكردستاني. وهذا الانقسام يحمل عواقب خطيرة على بنية إقليم كردستان، الذي تأسس منذ أكثر من ثلاثة عقود كنتيجة للتغيرات الإقليمية والعالمية.
في ظل هذه الأجواء المليئة بالتهديدات، يصوّت المواطنون في كردستان على مصير قد يؤدي إلى تدمير بيوتهم وإشعال النار في مستقبل حكومة الإقليم. أفضل ما يمكن فعله هو التحرك السريع من قبل المثقفين الأكراد والعراقيين، إضافة إلى المجتمع الدولي، لمنع إجراء الانتخابات. ومن الأفضل في هذا الظرف الاستثنائي عدم إجرائها، كما ينص المبدأ القانوني: "الضرورات تبيح المحظورات."
سيوان سيروان / مستشار سابق لرئيس جمهورية العراق