• English
  • کوردی

ماذا يستطيع الأكراد أن يفعلوا تحت الحصار؟

إن جمع القادة السياسيين الكردستانيين معاً أمر معقد، وقد لا يأتي النجاح على الفور.

9/3/2023 7:31:00 PM

 د. ســامــان  شالــــى

في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد استفتاء 25 سبتمبر 2017، حاولت الحكومة العراقية تدريجيا السيطرة على إقليم كردستان بدعم من البرلمان العراقي والمحكمة الاتحادية العليا والمحكمة الدولية فى باريس. لتحقيق أهدافهم في نهاية المطاف تغيير الدستور لإلغاء الفيدرالية والعودة إلى حكومة مركزية قوية (الدكتاتورية). لقد نجحت الحكومة العراقية في السيطرة على قطاعي النفط والمالية. وهي تتجه نحو السيطرة على قطاع الغاز في إقليم كردستان أيضا، ما أدى إلى شلل حكومة إقليم كردستان عن دفع رواتب موظفيها وقتل حلم حكومة إقليم كردستان في الاستقلال الإداري والاقتصادي، بحسب الدستور العراقي.

اليوم، وزارة المالية هي المسؤولة عن تنفيذ الميزانية السنوية. الوزارة لا ترسل حصة إقليم كردستان من الموازنة السنوية تحت ذرائع مختلفة أو إضافة شروط تعجيزية جديدة؛ و إذا أرسلوا الميزانية، فإنهم يرسلون جزءًا منها فقط، مما يترك حكومة إقليم كردستان في حالة من الفوضى. إنهم يضغطون على حكومة إقليم كردستان للامتثال لجميع مطالب الحكومة المركزية لأن حكومة إقليم كردستان لا تستطيع دفع رواتب موظفيها بمواردها الداخلية أو الاستثمار في المشاريع الحكومية ووقف عجلة التقدم فى أقليم كردستان لأنهم فشلوا فى تقديم الخدمات و المشاريع الحكومية في المحافظات الأخرى.

وفي الوقت الذي تحاول فيه حكومة إقليم كردستان دعم حكومة السيد السوداني بعد اتفاقيات ما قبل وما بعد الحكومة للحفاظ على وحدة ودستور العراق، يحاول البعض محاولة كسر هذه الاتفاقيات. وعلى رئيس الوزراء أن يفي بوعوده ، بعيداً عن أي ضغوط سياسية من أي طرف، لأن مصلحة الشعب ووحدته يجب أن تكون فوق كل المصالح.

والسؤال الكبير هو ما الذي يمكن أن يفعله الكرد في هذا الظروف:

هل لديهم ورقة ضغط على الحكومة المركزية؟ الجواب نعم؛ ويمكنهم ذلك من خلال تشكيل المجلس الأعلى لكوردستان كورقة نهائية لإعادة الأمل لشعب كوردستان والحفاظ على إقليم كوردستان و حقوقة الدستورية لأن تفاقم الأوضاع في الإقليم نتجت عن مصالح حزبية ضيقة لهذه الأطراف فوق مصالح الشعب الكردستاني.

ويتكون هذا المجلس من رؤساء الأحزاب فقط، إلا في حالات استثنائية. ويمثل الرئيس من يفوضه في اتخاذ القرارات في الاجتماعات المركزية. وسيتم دعم هذا المجلس بمستشارين مستقلين في مختلف المجالات لدعم تنفيذ قراراته من قبل البرلمان و الحكومة والمنظمات غير الحكومية بالإجماع. وسيكون هذا المجلس مسؤولاً عن وضع استراتيجيات إقليم كردستان وحل كافة القضايا بين جميع الأطراف السياسية، وستكون قراراته ملزمة للجميع.

إن جمع القادة الكردستانين من مختلف الأحزاب السياسية يمكن أن يكون مهمة معقدة وصعبة، نظرا للاختلافات التاريخية والأيديولوجية والاستراتيجية التي قد تكون موجودة بين هذه الأحزاب. ومع ذلك، هناك عدة عوامل واستراتيجيات يمكن أن تساهم في تعزيز الوحدة والتعاون بين القادة السياسيين الكردستانين لتشكيل مثل هذا المجلس:

1. الأهداف المشتركة: تحديد الأهداف والمصالح المشتركة بين جميع أو معظم الأحزاب الكردستانية. وقد تشمل هذه القضايا المتعلقة بحقوق شعب كردستان، والفدرالية وفقا للدستور.

2. الضغط الخارجي: يمكن للعوامل الخارجية، مثل التهديدات من الدول المجاورة أو التغيرات الجيوسياسية، أن تدفع الأحزاب الكردستانية إلى التعاون من أجل مصالح العامة للشعب.

3. الوساطة: لتمكين التواصل والمفاوضات بين مختلف الأطراف الكوردستانية لتسوية الخلافات وتقريب وجهات النظر. ويمكن للأطراف المحايدة، بما في ذلك المنظمات الدولية والحلفاء والقادة السياسيين والمثقفين المحليين، وحتى الدول المجاورة، أن تقوم بالتوسط.

4. الحوار الشامل: إنشاء مساحات حوار مفتوحة وشاملة حيث يمكن للقادة مناقشة خلافاتهم وإيجاد أرضية مشتركة. يمكن أن يشمل الحوار منتديات أو مؤتمرات أو مناقشات على مائدة مستديرة.

5. التاريخ المشترك: التأكيد على تاريخ الشعب الكردستاني و تأريخة النضالي وهويته الثقافية لتعزيز الشعور بالانتماء والوحدة بين مختلف الأطراف.

6. التسوية: تشجيع الأطراف على إيجاد مجالات للتسوية والبناء عليها، حتى لو كان الاتفاق الكامل على جميع القضايا مستحيلاً.

7. التركيز على الاهتمامات العاجلة: يبدأون بمعالجة الاهتمامات المباشرة التي تؤثر على الناس في المنطقة، مثل الأمن أو التحديات الاقتصادية أو الرواتب أو العدالة أو الشفافية أو القضايا الإنسانية. ويمكن لهذه التحديات أن تساعد في بناء الثقة والتعاون بينهما.

8. خطوات تدريجية: بناء الوحدة ليس من الضروري أن يحدث في وقت واحد. يمكنهم البدء بمزيد من التعاون البسيط وبناء اتفاقيات استراتيجية أكثر أهمية بمرور الوقت.

9. الضغط العام: إذا كان عامة السكان كردستان يرغبون في الوحدة، فقد يكون القادة السياسيون أكثر ميلاً إلى الاجتماع معًا لتلبية توقعات ناخبيهم. وهذا الضغط مسؤولية الجميع في كردستان لتحقيق هذا الهدف.

10. السجل الحافل: تسليط الضوء على الأمثلة الناجحة للتعاون والتآزر في الماضي بين الأحزاب الكردستانية. ويمكن أن يكون هذا السجل بمثابة نموذج للجهود المستقبلية.

11. المشاريع المشتركة: التعاون في المشاريع المشتركة التي يمكن أن تعود بالنفع على شعب كردستان. ويمكن أن تشمل هذه المشاريع المشتركة البنية التحتية والتعليم والتعليم العالي والصحة والزراعة والصناعة والسياحة والخدمات الاجتماعية.

12. احترام التنوع: الاعتراف واحترام تنوع وجهات النظر داخل الأحزاب الكوردستانية. إن خلق بيئة يتم فيها الاعتراف بالاختلافات ومناقشتها يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الحوار البناء.

13. توحيد قوات البشمركة: دمج قوات البيشمركة في القوات الوطنية الكوردستانية بدلاً من القوات الحزبية أصبح مطلباً رئيسياً للشعب الكوردستاني وحلفائه والمجتمع الدولي ويجب أن يكون من أولويات المجلس.

إن جمع القادة السياسيين الكردستانيين معاً أمر معقد، وقد لا يأتي النجاح على الفور. ويتطلب تحقيق هذه الأهداف الصبر والدبلوماسية والالتزام الحقيقي بإيجاد أرضية مشتركة من أجل مصلحة الشعب. علاوة على ذلك، فإن الاستراتيجيات التي قد تنجح قد تعتمد على السياق والديناميكيات المحددة للمشهد السياسي الكردستاني تحت التهديد من الحكومة المركزية و الدول الأقليمية ضد وجود إقليم كردستان.

وهذا المجلس هو السبيل الوحيد أمام إقليم كوردستان و حكومتها للوقوف في وجه كل المظالم من قبل الحكومة المركزية تجاه إقليم كوردستان.

إذا استمرت الحكومة المركزية في سياسة تهميش إقليم كردستان ومحاصرته سياسياً ومالياً وإدارياً بعيداً عن أسس الدستور العراقي والتعامل على أساس الأغلبية والأقلية. على المجلس الأعلى لكوردستانى أن يتخذ هذه الخطوات لتعميق مبدأ التوازن والتوافق والشراكة لإدارة العراق الاتحادي الذي هو ملك لجميع العراقيين:

1. الاستمرار بحسن نية في دعم المفاوضات مع الحكومة العراقية لحل القضايا العالقة، بدلاً من قطع رواتب الموظفين الإقليميين كورقة مساومة لانتزاع تنازلات دستورية من إقليم كردستان.

2. البدء بمباحثات مع جميع الأطراف السياسية العراقية دون استثناء للتأكد من تفهمهم لهواجس شعب كوردستان بشأن مستقبل العراق الفيدرالي لإيجاد حل جذري لحل كافة المشاكل تحت سقف الدستور.

3. البدء بلوبي مع النواب المستقلين (السنة و الشيعة) و الكتل الصديقة من السنة و الشيعة في البرلمان العراقي للضغط على الحكومة بتنفيذ بنود الميزانية الثلاثية (2023-2025).

4. البدء باللوبي السياسي مع الأمم المتحدة والحلفاء لشرح موقف المجلس الأعلى الكردستاني من تعامل الحكومة المركزية مع إقليم كردستان والذي يهدد وحدة البلاد بعيداً عن روح الدستور.

5. البدء بلوبي من أجل إشراك الدول الإقليمية والخليجية لحل القضايا العالقة بين الحكومة المركزية والمنطقة الكردية بما يخدم استقرار ومصالح جميع دول المنطقة.

ويجب على المجلس الأعلى لكوردستان التحرك بشكل موحد في كافة الاتجاهات لحماية حقوق إقليم كوردستان على أساس الدستور. ولنفترض أن أياً من هذه الجهود لم تنجح في الضغط على الحكومة المركزية للعمل على مبادئ التوافق والتوازن والشراكة وتنفيذ أحكام الدستور بدلاً من مبدأ الأغلبية والأقلية بما يخدم المنطقة ووحدة العراق. وفي تلك الحالة يجب على المجلس اتخاذ موقف موحد كورقة الضغط الأخيرة على الحكومة المركزية للالتزام بالدستور:

1. سحب جميع أعضاء البرلمان في الكتلة الكردية.

2. سحب رئيس الجمهورية.

3. سحب أعضاء المحكمة الأتحادية العليا.

4. سحب كافة الوزراء ووكلاء الوزارات وكافة الجهات الفاعلة في الحكومة الاتحادية.

5. سحب كافة السفراء الأكراد.

أن هذة الخطوات الأخيرة لأنقاذ العراق و العمل مع الشركاء في العملية السياسية و المخلصين من أبناء شعبنا جاهدين من أجل وحدة العراق أرضا وشعبا، من خلال الحفاظ على الحكم الاتحادي والدستور العراقي بعيدا عن العنصرية والطائفية و الأبتعاد عن وضع حصار غير دستورى و أنسانى على أقليم كردستان.

وفي الختام، يجب على الحكومة الحالية أن تأخذ العبرة من التاريخ، لأن الحكومات العراقية السابقة حاربت الشعب الكردستاني بالأسلحة الفتاكة، ونفذت عمليات الأنفال السيئة الصيت والعمليات الكيماوية في حلبجة، ودمرت 4500 قرية. لكنهم لم يكسروا إرادة شعب كوردستان، ولن ينجحوا هذه المرة أيضاً. ولذلك فإن هذه الحكومة يجب أن تكون حكومة جميع العراقيين وتحميهم تحت مظلة الدستور.

 

 سامان شالي حاصل على دكتوراه. في العلوم (1981) من جامعة ساسكس. عمل الدكتور شالي باحثًا مساعدًا وأستاذًا مساعدًا في جامعة ساسكس وجامعة الملك سعود وجامعة ولاية بنسلفانيا. وهو أيضًا زميل أقدم في معهد ميديتريانة للدراسات الإقليمية.